لغز الأنوثة في كوباني ومغامرة العقل

سلسلة المقالات الأسبوعية النقدية – الخاصة لـ منتدى شباب كوباني

(1)



حينما نتفكر ونحاول أن نجوب في غياهب مجتمع لم تعرف بعض معالمه.....نتوه في طلاسم وهيجانات متضاربة...ونُواجه بعقبات شتى وعراقيل كثيرة, كثيرة جداً, فالمجتمعات كلها تسير في رتابة وتحضّر نحو بناء ذواتها بدءاً من الأبسط وتسييراً دقيقاً نحو الهدف الأسمى والمنشود منذ الأزل.....الكمال.

" مقياس رقي أية أمة هو موسيقاها "

هكذا كنت أقول وأنا أجوب مجتمعات (بلادي)؟؟؟؟...ولكن حينما عُدت مستوطناً مدينتي بعد رحلة طالت عشرة أعوام, وجدت نفسي تائهاً, حائراً, بل وبليداً, في هذا التناقض, وهذا الضياع, في هذا الفقر(جوازاً فالفقر لا يكون بالمال وحده), في هذه الفوضى...وأية فوضى, فوضى خلاقة بل وخلاقة جداً.

وجدتني أجوب أزقتها, في أسبار أفكارها, ورحت أبحث عن مشته نور...أما في أسمه من معنى...بل وألف معنى...أما تحول إلى مشته شّر؟

وأعود مجددا أجوب الشوارع, البعيدة المتقاطعة, فلا أرى إلا جثثاً تمشي, وتتراكم أمام فرنها المزدحم, أمام شعبة التجنيد, أمام مدارسها التي تشبه المدارس, أمام المحلات الملبسة بألوان مزيفة, أمام مستشفاها الذي يصح أن نقول عنه مسلخها, والكل في هرج ومرج.

"مقياس رقيّ أية أمة هو مقدار ما تكدسه من اموال"

أناس يُوفدون من الخارج, بل قل ممسوخون يوفدون, أو قل عفارة تُفد إلينا, فيكبرون في كوباني ويكبرون حتى تطال أشواكهم السماء, ويمتصون من أموال أبنائها, من براءتهم, ويغادرون ليتبدل الأشخاص وكلهم يضحكون ....بوقار وخبث يضحكون...إنها كوباني.

وأهلها بل قل وجثثها...النائمة......لا إنهم ليسوا كذلك ....أذهب لتحضر أي تجمع لاكابرية العشائر ....أو اذهب إلى ثلة مثقفة وانظر مناقشاتهم...كلهم فلاسفة...كلهم ذووا علم ومعرفة. هذا يرفض ذاك وذاك يلعن هذا...تشرذم, واقتناص وكلام ....لا يشبه حتى الكلام.

أليس من المفروض أن يكونوا قدوة ومُثل ..نراهم يلهثون وراء المال..بل نراهم دولارات على الأرض تمشي...لا يهمهم شيء سوى الوجاهة, والقيادة, وتكديس الأموال, همهم الوحيد هو أن يُشهّرَ بأسمائهم في التجمعات..فلان...المُعكّلُ ( الذي يلبس العكال)^* شهمٌ إذ أنه .....وإنه.....؟

كلٌ وبأمانة تامة, ورغبة جامحة, ولؤمٍ شديد وفي موقعه الكريم....يقتنص...والقوي يأكل الضعيف......ولكن أما كلنا ضعفاء.

وكأن اللعنة حلت من الآلهة عليهم....مثقفوها منشقون في تكتلات همها التشهير بأخرى....حرب غير معلنة بل لما الحياء إنها معلنة!!!!!!!

تاهت وضاعت وغُيبت الرسالات....وكأننا أمام عداوات ودماء لا تنام...العين بالعين.... بل في كوباني العين بألف عين..والسن بألف سن ...والبادي أظلم.

الانتقام سيد الأحكام...ولا مكان للصلح.....الأفكار البالية أفضل وأكثر إلحاحاً لثبات المجتمع...هذا ما يسود.

ما هذا...وما هذه الثقافة...وأي قانون يحكمنا.......؟

وشبابها الذي ما فتئ يجوب متاهة لا يعرف لها قعر, ولا مستقر مُغيب إلا أمام شاشات التلفاز الجميلة حتى الصباحات البعيدة...مغيب, وبعيد...ولفات الورق (14 , طرنيب, تركس....) هي محور السهرة, ومصدر اللهو, بل قل ومصدر ضياع...إنه هروب إذاً من واقع لا يشبه الواقع...ومن مدينة نسيها التاريخ, والجغرافيا....لكن لم تنسها السياسة ؟

الثقافة عندهم كما السياسية لعبة, وسرّ لا يجب التقرب منها.

ونسائها الجميلات, القبيحات. المنزويات, والمهملات في زوايا التيه والنسيان, القابعات في بيوت- بل في قبور- حفرها لهن الرجال (الأخ, الأب, العم, الخال) سطوة ما فوقها سطوة, واستئصال لقيم بالية.

تغيبٌ كليٌ, وتجهمٌ كليٌ وسيطرة, الدين من ناحية, والمجتمع من ناحية, عليها أن تتحجب عن نفسها وعن وسطها, عليها أن تبقى حبيسة منزل لا تغادره, عليها أن تنفذ ما تؤتمر به, أن تقبل كل شيء وان لا تطرح أي شيء.

ورغم الكيل والتنكيل نراها تصارع, وتربي, وتعلم, ونراها تلملم ذواتها المتناثرة "تحت أقدام الرجال", تبحث عن كينوتها, في زمن بليد يقتل الحب كل لحظة. نراها وبصمت تبني عالمها المنفصل البعيد, فالإله أنثى, والحياة أنثى, والكلمة أنثى. نراها وفية جداً- رغم كل شيء- قنوعة جدا وملتزمة. نراها وبأخيلتها الحزينة تحاول أن تبني حياة أخرى وعالم آخر.....وان تعيد رسم معالم مدينة....ما تشبه أية مدينة.....مدينة راقية المظهروالملبس وبالية القيم والجوهر.



يتبع

عذراً دائما النقد يكون بحجم الحب........كما ان الحب العظيم إن تحول فإنه يتجسد في أشياء عظيمة.
واعتقد إني سأتلقى الكثير من الانتقاد على هذه المقالة.....ولكن يجب أن نعلم أن المادحيين كثيرون بل وكثيرون جداً ولكن أما من منتقد.......وأتسائل هل النقثد يفيد أم المدح...سأترك اجابة لنباهتكم.

كلماتك عزيزي تبقى رائعة وجميلة وحلوة كتير انتقائك لهذه اللغة الغريبة الجميلة امر حلو ورائع
احسدك على هكذا اسلوب وشكرا لانك حوالت ان تدافع عنا في مجتمع يظلمنا جدا
اتمنى ان تكون الافض وساتابع كل ما تكتبه وبالتفصيل وارسلت لك عدة ايميلات الى بريدك
ارجو ان تقرئها وشكرا

كنت اتسائل عن السبب الذي دفعك الى التمادي في النقد الى هذا الحد ثم التمادي في المدح ىالى هذا الحد

ممتاز صديقي الناقد
لقد قلت كل شي صح 100%

أشكرك أخي هفال على هذا الموضوع


بس هاد هو مجتمعنا شو بدنا نساوي

و ايد وحدة ما فيها تصفق لحالها

كرمال هيك حطينا شعار
لنعمل يداً بيد نحو مجتمعٍ أفضل
تقبل مروري و اتمنى منك المزيد من المقالات الرائعة

هو بالعكس تماما صديقنا الرائع هفال حط الايد على الجرح
وخاصة لما قال الكلمة انثى والاله انثى والحياة انثى تسلم لي يا احلى عضو بالمنتدى

كلما ازور المنتدى اجد رورة ان اكتب تعليقا عن هذه المقالة وان اقرئها مجددا
كلماتك فعلا جديرة بالاحترام وقلمك في هذا المنتدى هو الاكثر تميزا

ما تزال اصداء مقالتي البسيطة هذه تتفاعل بشدة وما زلت اتلقى الكثير من النقد احيانا والمدح احيانا على ايميلي عليها
لكن اكثر ما اثار حفيظتي ان مقالتي هذه تسجل في المنتدى اعلى نسبة مشاهدة
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تحية ال الصديق هفال والف ش\كر عل المقالة